بولونيا: الحزب الحاكم في قلب العاصفة

(من عبد الله أقديم)

وارسو – بعد أقل من شهر على هزيمة الرئيس البولوني المنتهية ولايته برونيسلاف كوموروفسكي خلال الانتخابات الرئاسية على أيدي أندريه دودا عن حزب المحافظين الشعبي ( القانون والعدالة) يعيش الحزب الحاكم في بولونيا (المنتدى المدني ) على وقع هزيمة أخرى بعد استقالة ثلاثة وزراء إضافة لرئيس مجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان) رادوسلاف سيكورسكي.

وجاءت هذه الاستقالات التي هزت اركان الحزب الحاكم على بعد أربعة اشهر من الانتخابات التشريعية لأكتوبر المقبل بعد فضيحة تنصت على المكالمات الهاتفية.

ويضع الحدثان مستقبل الحزب في خطر حقيقي، ينذر بخسارة مدوية في انتخابات الخريف المقبل.

فقضية التنصت على المكالمات الهاتفية ، التي تعود لسنة مضت ونشرت وسائل الإعلام تفاصيلها مست العديد من الشخصيات في أركان الدولة.

ولم يكن لعمليات التصنت تلك تأثير سياسي كبير قبل سنة، فحزب “المنتدى المدني” الذي يقوده رئيس الوزراء الليبرالي السابق دونالد توسك الذي أصبح فيما بعد رئيسا للمجلس الأوروبي اعتقد أن العاصفة مرت والملف طوي لكن ظنه خاب، إذ سرعان ما أعيد نشر تفاصيل المكالمات خلال هذا الأسبوع على شبكة الإنترنيت، وكذلك مقتطفات من التحقيق القضائي الذي هم اتصالات هاتفية بين شخصيات سياسية واقتصادية بارزة في بولونيا.

وحاولت رئيسة الوزراء الحالية إيفا كوباسيز التي خلفت توسك إنقاذ ما يمكن انقاذه ولم تتردد في قبول استقالة ثلاثة وزراء، هم بارتوش ارلوكوفيتش (الصحة)،وأندريه بيرنات (الرياضة) وفلودزيميرز كاربينسكي (الخزينة ) ورئيس البرلمان الى جانب مستشارين برئاسة الوزراء متورطين في المشاركة في التنصت على المكالمات الهاتفية.

وقد نشر رجل اعمال بولوني ذو صلة بعالم السياسة زبيغنيو ستونوغا هذا الأسبوع في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك 2500 صفحة من ملف تحقيق حول قضية تصنت غير قانوني سجلت بدون علم السياسيين المعنيين وكبار اطر الدولة.

وتشكك تلك التصريحات لكبار المسؤولين في التحالف البولوني الامريكي واستقلالية البنك المركزي كما توجه انتقادات حادة لبريطانيا.

ولعل أخطر التسريبات همت تصريحات مهينة تجاه العلاقات الأميركية-البولنونية، بالرغم من الحرص الدائم لوارسو على علاقات ممتازة مع واشنطن، إضافة لتصريحات مهينة في حق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في صلة بمقترحاته حول السياسة الأوروبية.

ويجد بذلك الحزب الحاكم نفسه في قلب قضية كان يمكن أن يتجاوزها بعد الهزيمة في الانتخابات الرئاسية ، لذلك فإن الحملة الانتخابية بدأت قبل موعدها الرسمي، خصوصا مع الدعوة التي وجهها الرئيس المنتخب حديثا، المحافظ أندريه دودا، الذي سيتولى منصبه رسميا يوم 6 غشت المقبل ، بأن تتخلص بولونيا من هذه الأعمال التي تسيء الى البلد .

كما أعلن عن عزمه إطلاق نداء الى السياسيين لاحترام قواعد الديمقراطية، التي لا تتناسب وأعمال الحزب الحاكم .

يشار الى أن الليبرالين الذين جاؤا إلى السلطة قبل ثماني سنوات، من حزب “المنتدى المدني” من المرجح أن يجدوا انفسهم في المعارضة بعد الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في الخريف المقبل، خاصة وأن الرئيس المنتخب حديثا يريد أن تكون له أغلبية في البرلمان تمكنه من تنفيذ البرنامج الانتخابي الذي أوصله الى أعلى منصب في بولونيا.