تدفقات بشرية غير متوقعة جعلت ميناء الجزيرة الخضراء يعيش فترة ذروة غير مسبوقة نهاية الأسبوع

تدفقات بشرية غير متوقعة جعلت ميناء الجزيرة الخضراء يعيش فترة ذروة غير مسبوقة نهاية الأسبوع

الإثنين, 5 أغسطس, 2013 - 17:08

فاطمة رفوق
الجزيرة الخضراء –  مع اقتراب حلول عيد الفطر وبداية العطلة الصيفية المتزامنة مع بداية شهر غشت لدى الكثير من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عرفت موانئ الجنوب الإسباني وبالخصوص الجزيرة الخضراء نهاية الأسبوع تدفقات كبيرة فاقت كل التوقعات المعلن عنها مؤخرا، مما جعل ميناء الجزيرة الخضراء يعيش فترة ذروة غير مسبوقة خلال موسم العبور الحالي. فقد بلغ العدد الإجمالي للعابرين لمضيق جبل طارق يوم السبت لوحده  44 ألف و959 مسافرا غادروا على متن 83 رحلة بحرية، فيما شهد يوم الأحد عبور 47 ألف و566 مسافرا و12 ألف و383 سيارة على متن 84 باخرة.
وعلى الرغم من التخطيط المحكم الذي تسهر على تنفيذه مجموعات كبيرة من عناصر الأمن والوقاية المدنية والأطر المينائية والطبية التي تجندت كخلية نحل لاستقبال ومعالجة الأعداد الكبيرة للمسافرين والعربات، فقد ظلت أمواج الوافدين على ميناء الجزيرة الخضراء تتدفق دون توقف، مما استعصى معه أمر توفير بواخر إضافية لامتصاص الأعداد الضخمة للوافدين وتسبب في ساعات من الانتظار، جعلت نسبة هامة من المسافرين يقضون ليلة بكاملها داخل الميناء.
وشهدت الفضاءات المعدة لاستقبال أفراد الجالية داخل ميناء الجزيرة الخضراء اكتظاظا منقطع النظير، زادت من حدته شدة القيظ الذي يشهده إقليم الأندلس في هذه الفترة من الصيف، حيث اضطر العديد من المسافرين للبحث عن أماكن رطبة داخل الميناء وفي المحيط المجاور له، للاحتماء من حرارة الشمس المفرطة ووقاية الصغار والمسنين والمرضى من عواقبها الوخيمة، في الوقت الذي اضطر فيه أولياء الأمور وأصحاب السيارات للبقاء بالقرب من عرباتهم في انتظار الإخبار بموعد التوجه نحو مسار المغادرة.
ومع طوال مدة الانتظار، اختار البعض الترجل في ساحات قريبة لاكتشاف بعض معالم هذه المدينة الأندلسية التي لا يعرفها معظمهم سوى من خلال مينائها التجاري الكبير، على الرغم من ترددهم عليها مرة في السنة على الأقل، حيث قاد الفضول جماعة من الشبان إلى الموقع الأركيولوي لأسوار المرينيين المقابلة للميناء، والتي لا تزال شامخة تقاوم آثار الزمن ومعها المجانق المؤثتة للمكان، وتعرفوا لأول مرة على تمثال محمد ابن أبي عامر المعافري، الملقب بالحاجب المنصور (ولد عام 940 بالجزيرة الخضراء)، مستغربين بعد الاطلاع على النص المدون باللغة العربية أسفل التمثال، لمكانة هذا الرجل في زمانه، حيث كان الحاكم الفعلي للخلافة الأموية في الأندلس التي اشتهر بدفاعه المستميت عنها.
وفي الرصيف المحاذي للميناء جلس الحاج أحمد المقيم في فرنسا على إحدى المقاعد الحجرية المظللة بأشجار الدفلة الوارفة ذات الزهور الكبيرة والعطرة، يستريح مترقبا مكالمة من ابنه لإخباره بنبإ سار عن موعد المغادرة، يقول الحاج في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “فوجئت بهذا الكم الكبير من البشر الذي ينتظر حلول ساعة غير محددة لصعود الباخرة، لم أكن أتوقع وأنا الذي أتردد كل عام على بلدي المغرب، أن أجد هذه الأعداد من الناس، لقد أخطأت في اختيار موعد السفر، أنا متقاعد وغير ملزم بتاريخ عطلة سنوية كالعاملين في المصانع الفرنسية الذين يضطرون لانتظار شهر غشت للاستفادة من عطلهم”.
ويبرر اختياره لتاريخ السفر باقتراب عيد الفطر الذي يرغب في قضائه مع الأسرة في وطنه الأم، موضحا أنه يضطر كل عام للتنقل وعائلته عبر السيارة لعبور مضيق جبل طارق في اتجاه الوطن، وذلك لما تتيحه له هذه العملية من ربح في كلفة السفر الجماعية والاستفادة من مجانية نقل ما يشاء من الأمتعة، عكس السفر المكلف عبر الطائرة والذي لا يسمح فيه بنقل فائض من الأمتعة إلا بعد أن يؤدى عنه، أضف إلى ذلك حاجته الماسة إلى وسيلة نقل يجدها رهن إشارته كلما سعى إلى التوجه إلى بلدته أو شاء التجول في بعض مدن المملكة.
وفي الوقت الذي كان فيه الحاج أحمد يتحدث عما تجشمه من تعب خلال رحلته هذا العام، طلب المرشد عبر مكبر الصوت، باللغات العربية والفرنسية والإسبانية، من الآلاف من الوافدين على الميناء، التحلي بالصبر في انتظار وصول موعد المغادرة، موضحا أن الوضع استثنائي للغاية ومطمئنا إياهم أن عملية الإركاب تعتمد على ساعة الوصول إلى الميناء حتى يعطى حق الأسبقية لكل من حل قبل غيره.
أما أرباب المقاهي والمطاعم والمتاجر المقابلة للميناء، وغالبيتهم مغاربة، فشكلت مناسبة الاكتظاظ بالنسبة لهم فرصة ذهبية طالما انتظروها، لقد تنفست مريم وزوجها محمد الصعداء بعدما كانا يفكران في بيع مطعمهما والعودة إلى مدينة طليطلة حيث كانا يعيشان قبل الاستثمار في الجزيرة الخضراء، “نفدت كل المواد الغذائية التي كانت في المطعم”، تقول مريم “وبقينا محرجين أمام الطلبات المتزايدة للوافدين”.
وما يقال عن مطعم هذين الزوجين المنحدرين من مدينة طنجة، ينطبق على باقي المطاعم الممتدة على طول “باسيوماريتيمو” (الشارع البحري)، لقد تحلق الناس حول الأبواب راغبين في وجبة كيفما كان نوعها بعد عبورهم مسافات تراوح ألفي كلم قبل الوصول إلى ميناء الجزيرة الخضراء، لكن لم يكن بالإمكان تلبية طلبات الجميع، مما دفع الكثيرين للتوجه إلى متاجر ظلت مفتوحة طيلة الليل لاقتناء حلويات معلبة ومكسرات وما تيسر لهم العثور عليه لإسكات الأطفال وإهماد الجوع.
كما شهدت وكالات الناقلات البحرية إقبالا منقطع النظير، حيث لم يكن الوافدون على المدينة من أجل العبور يفرقون بين هاته وتلك، همهم فقط الحصول على تذكرة في أسرع وقت ممكن، ظانين كما أوهمهم “السماسرة” الذين يعترضون سبيلهم، أنهم سيتوجهون مباشرة إلى الباخرة.
وعلى الرغم من صغر المدينة التي تنفذ عبرها إلى باقي المحافظات الأندلسية التاريخية والتي تعد بوابة أوربا، فإن سكانها لم يشعروا بأي انزعاج قد تتسبب فيه الحركة غير العادية واللامتوقفة لعشرات الآلاف من الوافدين على مينائها التجاري الكبير. لقد ظل ليلها محتفظا بسكونه وسط الأحياء السكنية القريبة من الميناء وبقيت “لا بلاصا ألطا” (الساحة العليا) وحدها التي تشهد دبيبا لحركة محبين، لا علم لهم بتاتا بما يحدث أمتارا قليلة في الأسفل، تفرقوا على كراسي من الزليج المزركش يتبادلون لغة العشق والهيام مستمتعين بصمت لا تكسره سوى أجراس كنيسة نويسترا سينيورا دي أوربا، التي تدق كلما مرت ربع ساعة من الوقت.
ويمكن القول بذلك أن الجزيرة الخضراء تعيش في هذه الفترة من العبور، حياتين مختلفتين تماما، ففي الميناء ومحيطه يختلط النهار بالليل، وتستمر الحركة دون توقف باستقبال حشود متوالية على المدينة، وتبقى المتاجر والمطاعم والمقاهي ووكالات الأسفار القريبة من الميناء مفتوحة في وجه الزبناء، أما في الطرف الآخر وغير ببعيد عن البوابة البحرية، فتغلق المقاهي والمطاعم والمتاجر في الوقت المحدد لها ويدخل الناس بيوتهم للخلود إلى النوم والراحة للاستعداد لاستقبال يوم جديد.

اقرأ أيضا

طرفاية.. اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تصادق على مخطط العمل برسم سنة 2024

الثلاثاء, 30 أبريل, 2024 في 23:48

صادقت اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، اليوم الثلاثاء بطرفاية، على مخطط العمل برسم سنة 2024، الذي رصد له غلاف مالي يفوق 7.74 ملايين درهم لإنجاز عدد من المشاريع التنموية.

تثمين النفايات المعدنية: شركة “Alucop” تفتتح مصنعها الجديد الخاص بسباكة النحاس والألومنيوم ببرشيد

الثلاثاء, 30 أبريل, 2024 في 23:46

افتتحت الشركة الأردنية المتخصصة في تحويل المعادن “ألوكوب” (Alucop) اليوم الثلاثاء ببرشيد، مصنعها الجديد الخاص بسباكة النحاس والألومنيوم.

تنمية المهارات في صلب محادثات بين السيد السكوري ووزير كندي

الثلاثاء, 30 أبريل, 2024 في 23:40

شكل التعاون في مجال تنمية المهارات محور مباحثات جرت، اليوم الثلاثاء بالرباط، بين وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، ووزير التربية وتنمية الطفولة المبكرة في إقليم نيو برونزويك الكندي، بيل هوغان.