حكيمة خالص .. عندما تقترن الكفاءة المهنية بالعمل الجمعوي في سبيل النهوض بالاقتصاد الاجتماعي بالمملكة

حكيمة خالص .. عندما تقترن الكفاءة المهنية بالعمل الجمعوي في سبيل النهوض بالاقتصاد الاجتماعي بالمملكة

الخميس, 7 مارس, 2019 - 12:50

(بقلم : يونس قريفة)

الرباط – عندما التحقت السيدة حكيمة خالص بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، لم تكن تعلم أن مسارها المهني سيتخذ مسلكا سيبعدها عن مهنة الصحافة التي لطالما حلمت بها، وأن طموحها اللامحدود وجديتها ورغبتها في بلوغ أعلى مراتب العلم والمعرفة، سيبوأها منصب مسؤولية في مؤسسة عمومية مرموقة، وأنها ستجد نفسها في الصف الأول للدفاع عن مصالح التعاونيات المغربية وستنخرط في مسلسل النهوض بالاقتصاد الاجتماعي.

وتعتبر السيدة خالص، التي تشغل حاليا منصب رئيسة قسم التكوين والإعلام بمكتب تنمية التعاون، نموذجا للمرأة المغربية الطموحة، ذات المسار المهني والأكاديمي المتميز والمتألق، والتي استطاعت تقلد منصب مسؤولية في إدارة عمومية وإثبات ذاتها وكفاءتها، كما أنها لم تبخل بوقتها الثمين على الانخراط في العمل الجمعوي والدفاع عن قطاع ذي أهمية كبرى بالنسبة للمغرب، ألا وهو الاقتصاد الاجتماعي، وتبني مهمة الدفاع عن مصالح هذا القطاع ومكوناته والمساهمة قدر المستطاع في النهوض به.

ويتميز المسار المهني والأكاديمي للسيدة خالص بكونه مسارا غير نمطي، فبعد تخرجها من المعهد العالي للإعلام والاتصال، والعمل بمجموعة من وسائل الإعلام الوطنية، من قبيل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والقناة الثانية، والطبعة المغربية لجريدة (الشرق الأوسط)، وكذا بجريدة (الميثاق الوطني)، شاءت الأقدار أن تلج حكيمة خالص مكتب تنمية التعاون سنة 1990، وأن تتسلق المناصب بكل جدارة واستحقاق إلى أن وصلت إلى منصب رئيسة قسم التكوين والإعلام.

وفي حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة تخليد المملكة، على غرار دول المعمور، لليوم العالمي للمرأة (8 مارس من كل سنة)، أوضحت السيدة خالص أنها ولجت مكتب تنمية التعاون بالصدفة، وذلك بطلب من مسؤولي المكتب آنذاك، الذين انبهروا بمهنيتها بعد أن قامت بتغطية إعلامية لنشاط معين بالمكتب، مشيرة إلى أنه بعد ترددات أولية وتفكير ملي في قبول عمل بعيد عن تكوينها وتجربتها المهنية، إلا أن اعتبارات أسرية وشخصية أقنعتها بولوج المؤسسة.

وأضافت أنه بعد خوضها لهذه المغامرة المهنية الجديدة، تمكنت من التعرف عن قرب بالقطاع التعاوني والاقتصاد الاجتماعي، وكذا بمجلة المؤسسة التي كانت تصدر منذ سنة 1986، والتي أعطتها الفرصة لكي تمارس “نوعا ما” مهنة الصحافة، وقد أصبحت اليوم رئيسة تحريرها، مشيرة إلى أنها استطاعت تسلق مناصب المسؤولية داخل المكتب، وأن تكون أول امرأة تم تعيينها رئيسة مصلحة بالمؤسسة سنة 1995.

واعتبرت تحمل المسؤولية بمكتب تنمية التعاون “تشريفا وتكليفا” في نفس الوقت، مبرزة أن هذا الأمر تطلب منها وقتا طويلا وعملا دؤوبا ومستمرا لإثبات ذاتها. لكنها تعتبر نفسها محظوظة “مقارنة مع الصعوبات التي تواجه المرأة المغربية في تحمل المسؤولية بالمؤسسات العمومية وبالقطاع الخاص”.

وبخصوص منصبها الحالي كرئيسة قسم التكوين والإعلام، أوضحت أن مهامها تتمثل أولا في المساهمة في تكوين الموارد البشرية للتعاونيات، “التي يراهن عليها المغرب من أجل معالجة العديد من التحديات الكبرى التي تواجه تنميته وعلى رأسها البطالة والفقر وإدماج المرأة في التنمية”، عبر تنظيم دورات تكوينية تستجيب لحاجياتها وترفع من قدراتها التسييرية والتسويقية.

وأضافت أن المهام المنوطة بها تتمثل، كذلك، في اعتماد مختلف الأدوات الإعلامية المتاحة، في إطار مخطط إعلامي هادف، “من أجل تحسيس الشباب والنساء ومنتجي القطاعات غير المهيكلة بأهمية تأسيس التعاونيات”، وتزويد التعاونيات القائمة بكافة المعلومات المرتبطة بالعمل التعاوني، إلى جانب تحسيسها بالمستجدات القانونية وتوجيهها بالاعتماد على الطرق الحديثة في الحكامة وتجميع إمكانياتها في شبكات فاعلة.

واعتبرت السيدة خالص، الحاصلة كذلك على شهادة الماستر في التدبير الاستراتيجي وقيادة التغيير من المعهد العالي للتسيير وإدارة المقاولات، أن مهمة رئيسة قسم التكوين والإعلام هي “مهمة تنموية بامتياز”، تتطلب “نفسا طويلا ومؤهلات عديدة نظرا لحاجيات التعاونيات المتنوعة في مجال التأطير والمواكبة”.

وعلى الرغم من حجم مسؤوليات السيدة خالص ووقتها الضيق، إلا أنها تصر على تخصيص جزء من جدولها الزمني إلى العمل الجمعوي، لاسيما في مجال النهوض بالاقتصاد الاجتماعي، حيث تترأس الجمعية المغربية لدعم وتنمية الاقتصاد الاجتماعي التي تأسست سنة 1989، علاوة على انخراطها في مجموعة من الجمعيات الأخرى من قبيل الجمعية المغربية لدعم المقاولة الصغرى، والشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي التضامني، وشبكة الصانعات التقليديات، والجمعية الفرنسية “سينرجي بدائل”، وكذا جمعية الملحقين الصحفيين.

وبخصوص أهداف الجمعية المغربية لتنمية الاقتصاد الاجتماعي التي تترأسها، أوضحت السيدة خالص أن الجمعية “تأسست من أجل سد العجز الإعلامي الكبير حول مفهوم الاقتصاد الاجتماعي ودوره في التنمية المستدامة ومتطلبات تفعيله”، مضيفة أن الجمعية تتعامل مع العديد من الجهات المانحة في إطار الشراكة من أجل تنفيذ عدد من المشاريع التنموية، منها مشاريع مرافقة النساء والشباب خريجي المعاهد والجامعات من أجل تأسيس تعاونيات وتفعيل دورها لضمان تشغيلهم الذاتي.

وبعد تألقها في مسارها المهني والأكاديمي والجمعوي، استطاعت حكيمة خالص أن تبصم كذلك بكفاءتها في المجال الفكري، حيث أصدرت كتابا سنة 2004، بعنوان “من أجل إرساء اقتصاد اجتماعي يعتمد على الذات”، يوجد حاليا إصداره الثاني بالمطبعة، يتناول مراحل تطور مفهوم الاقتصاد الاجتماعي ويقدم تحليلا نقديا للسياسات المتبعة لإرساء قطاع اقتصاد اجتماعي فاعل ومستقل، كما أنه يناقش تحديات تحقيق هذه الرؤيا الإستراتيجية ويطرح خارطة طريق لبلوغ ذلك.

وأوضحت أنها اعتمدت لإعداد هذه الدراسة على أدوات حديثة في التشخيص والتخطيط الاستراتيجي، وعلى الاستئناس بالعديد من النظريات لاقتراح خارطة طريق لإدارة التغيير في المؤسسات المعنية بالاقتصاد الاجتماعي.

وأشارت إلى أنها تسعى في مشاريع كتبها المستقبلية إلى البحث في عدة مواضيع مرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي والتعاونيات، منها إشكالية تمويل الاقتصاد الاجتماعي والتشغيل.

وعن كيفية تمكنها من التوفيق بين مسارها المهني وحياتها الأسرية والخاصة، بما أن السيدة خالص هي أم لثلاث بنات، أوضحت أنها تعتبر عملها وحياتها الشخصية “دائرة واحدة تشكل كينونتها”، وأن الأسرة والعمل” هما معا مركز اهتمامها، ولا تريد التخاذل في أي منهما”.

وأبرزت أنها توظف في هذا الصدد استراتيجيات خاصة على رأسها “إستراتيجية الجدولة والتخطيط”، وذلك بإعداد جدول يشمل كل شيء تخطط القيام به، مع الحرص على تخصيص وقت لكل مهمة، وتحديد الأولويات، والمرونة إزاء تطور الأشياء وتغيرها.

وبالنسبة لرأيها في تقلد المرأة المغربية لمناصب المسؤولية في الإدارة المغربية، اعتبرت السيدة خالص أنه “على الرغم من المجهودات الكبيرة التي تبذلها الحكومات المتعاقبة للرقي بوضعية المرأة والرفع من نسبة حضورها في مناصب القرار، وإطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية الرامية إرساء مبدأ المساواة والإنصاف، تماشيا مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ومع مضامين دستور المملكة”، إلا أن نسبة تقلد المرأة لمناصب عليا “تبقى ضئيلة مقارنة مع الرجل”، داعية، في هذا الصدد، إلى مواصلة العمل والمجهود الإعلامي “من أجل التحسيس بالحيف الذي تتعرض له المرأة في هذا المجال ولتجاوز هذا الإكراه”.

يذكر أن مكتب تنمية التعاون، الذي أحدث سنة 1962، هو مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتتجلى مهامه الرئيسية في مواكبة التعاونيات في مجالات التكوين والإعلام والمساعدة القانونية.

اقرأ أيضا

مجلس الأمن.. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية

السبت, 27 أبريل, 2024 في 9:56

أشادت حركة عدم الانحياز، أمام مجلس الأمن الدولي، بالجهود التي يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لصالح القضية الفلسطينية.

بوزنيقة.. انطلاق أشغال المؤتمر ال 18 لحزب الاستقلال

السبت, 27 أبريل, 2024 في 0:17

انطلقت، مساء اليوم الجمعة بالمركز الدولي مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، أشغال المؤتمر ال 18 لحزب الاستقلال، بمشاركة 3600 مؤتمر ومؤتمرة يمثلون مختلف جهات المملكة.

المغرب وجيبوتي يوقعان مذكرتي تفاهم في مجالي الصحة والحماية الاجتماعية

السبت, 27 أبريل, 2024 في 0:13

وقّع المغرب وجيبوتي، اليوم الجمعة بالرباط، مذكرتي تفاهم ترومان تعزيز التعاون بين البلدين في مجالي الصحة والحماية الاجتماعية.