آخر الأخبار
ساعي البريد علي عباز..”الحمام الزاجل” الذي يغرد في محراب ذاكرة التراث

ساعي البريد علي عباز..”الحمام الزاجل” الذي يغرد في محراب ذاكرة التراث

الإثنين, 17 نوفمبر, 2014 - 11:12

(بقلم علي الحسني)

الرشيدية- ساعي البريد، أو “مرسال المراسيل” كما غنت فيروز صاحبة الصوت الملائكي، علي عباز الذي استهواه جمع الكتب والوثائق والمخطوطات القديمة فحول بيته الى محراب ترقص بين ثناياه ألحان تاريخ منطقة الجنوب الشرقي وثقافته. ابن واحة فركلى بتنجداد التي تبعد عن مدينة الرشيدية بنحو 70 كلم الزاخرة بتراثها الثقافي والأدبي والحضاري الذي لم يكشف منه الا النزر القليل ، كرس نفسه لخدمة الهوية والذاكرة المحلية بالبحث عن كنوز حسبها البعض غير ذات قيمة.

واحد من عشاق التاريخ ممن يجيدون الغوص في أعماقه بحثا عن درر الحقيقة حفاظا عليها من الضياع..يرتحل بحثا عن كتب وصور ومخطوطات وطوابع بريدية وطنية على مختلف الاشكال والانواع تزيد عن 600 طابع منذ الاصدارات الاولى وحتى الوقت الراهن وثّقت ما جمعه من ارث لأبناء المنطقة ولكل من يبحث في حقائق التاريخ.

وتعكس مجموعته من الطوابع البريدية، التي رتبها وفق سنوات الاصدار ذاكرة التاريخ الوطني كما تعد شاهدا على تطور المغرب من خلال تأريخها للأحداث البارزة بمواضيع مختلفة تتعلق بالثقافة والاقتصاد والبيئة والرياضة والتعليم وحقوق الإنسان.

ويوثق ساعي البريد ، الذي تعددت مواهبه من الفنون التشكيلية الى الخبرة المحاسباتية، ذاكرة الطوابع البريدية الوطنية التي تخلد للذكريات والايام الوطنية بعضها لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وجلالة الملك محمد السادس في فترات تاريخية معينة.

منزل علي عباز يحتشد بعشرات كتب المقاومة والذاكرة الوطنية والكتب التراثية والتاريخية والروايات الى جانب كتب علم الاجتماع والمجلات والجرائد التي لم يعد لها أثر.

التراث بمنطقة الجنوب الشرقي، وخصوصا بالرشيدية وما رافقه من قلة الابحاث والدراسات حولها لم تعط للمنطقة ما تستحقه من عناية حثه على البحث والتعمق في اشراقات الماضي ودفعه إلى الانكباب على كتب التاريخ والتراث الخاصة بالمنطقة والتي ملأت مكتبته الخاصة باللغتين العربية والفرنسية، الأمر الذي فتح أمامه فرصة الاطلاع على الكتب المتوفرة في مكتبة عمرها الان يقارب الاربعة عقود.

عشقه للحفر في التاريخ والعادات والتقاليد الشعبية وشغفه بالقراءة واقتناؤه للكتب التي بحثت في شتى العلوم، كما يقول علي عباز في بوح لوكالة المغرب العربي للانباء، بدأ منذ نعومة أظفاره ليرافقه خلال سنوات خدمته في سلك البريد وما تلاها من سنوات.

“الهواية تأتي نتيجة للثقافة” ، يؤكد علي عباز الذي يكشف أنه حمل هم التوثيق والجمع ويرى أن الاهتمام باقتناء التحف والكتب الموثقة لتاريخ مضى يبقى شيئا متواضعا، بالنظر الى ما تكتنزه المنطقة من تراث عريق.
فمعرفته بتفاصيل المنطقة طوال سنوات دراسته الابتدائية والاعدادية أطلقت هوايته في جمع التحف والمخطوطات والوثائق والصور التاريخية خاصة لجلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني اثناء زيارتهما لمنطقة تافيلالت .

يمارس هوايته في البحث والاستقصاء والاقتناء في اخلاص وانضباط تام ميز سلوكه الذي صقلته فترة التجنيد الاجباري، فهوايته ليس لها حدود بحسب تعبيره ، كما أنه يرى أن شغفه سيستفيد منه لا محالة آخرون .

وعما تتطلبه هذه الهواية، يقول عباز إنها تحتاج إلى الكثير من تحري الدقة، والبحث المستمر، واستغراق وقت طويل في البحث للعثور على هذا التراث النادر.

فعلي عباز كما شبهه رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية سعيد كريمي، بشجرة الصفصاف تقف شامخة في وجه الرياح او كالنخلة التي يشرئب جريدها يحمل ذاكرة ومرجعية لكل التحولات بكل تفاصيلها والتي عرفها المغرب قبيل وبعد الاستقلال، كان وما يزال مناضلا وأمينا على الاسرار .

اما احوال القبائل واحوازها والاوبئة والمجاعات وطرائق العيش والمنازعات والاحكام فهي من اختصاصاته الاساسية.. يحتفظ دائما بأمل التغيير ويسعى الى ذلك بدعم المبادرات التي تروم خدمة الانسان واشاعة قيم الصفاء والتسامح ، كما يراه رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب.

لا يجد ما يقلقه الا عندما تسأله عن مهنته ومعاناته مع ايام البريد، لا يتردد في التأسف على زمن مشرق ولى وزمن آخر افتقد الجانب الإنساني حيث ”لم يعد ساعي البريد ذلك الإنسان الذي بعثه القدر عندما يدخل زقاقا أو حيا أو قرية كأنه هلال العيد”.

فوسائل الاتصال الحديثة رغم ما تتميز به من سرعة في تبليغ الرسالة لا تحمل صدق الكلمات المكتوبة بخط اليد ولا دفء العاطفة، فتصير فاقدة لروح الكتابة الخطية الحميمية التي تعبر عن صاحبها بكل ألوان الطيف، كما يحكي علي عباز.

كم نحن بحاجة لأن نعيد للكتابة بخط اليد مجدها ورونقها وحركاتها وسكناتها ولونها ، يقول علي عباز،” لعلنا بذلك نتحسس صدق المشاعر والأحاسيس التي تختلج في الصدور وتعتمل في القلوب بعفوية الفطرة كونها رسالة من الأعماق”.

الى الماضي القريب كانت شخصية ساعي البريد تحظى باهتمام كبير في التراث الادبي والفني وحتى الشعبي، وصار بطلا للكثير من القصص والروايات والقصائد والاغنيات وحتى الافلام السينمائية. وقد تعاملت القصائد والاغاني مع ساعي البريد باعتباره رسولا بين العشاق والمحبين، فهو وحده من كان يستطيع ان يزرع البسمة والفرحة على الشفاه.

علي عباز، الذي التحق بسلك البريد بداية ستينيات القرن الماضي، وأنهى خدمته منتصف التسعينات ارتقى وتقلد عدة وظائف، يصارع اليوم الألم والمرض بعد هذا العمر الطويل الذي أفناه في النقش على ذاكرة التراث والهوية، آملا في أن تشرق شمس الغد ويحلق عائدا الى أنيسه وخير جليسه.

اقرأ أيضا

تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة (ذهاب الدور الثالث).. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري (4-0)

الجمعة, 10 مايو, 2024 في 23:30

فاز المنتخب المغربي لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة على نظيره الجزائري بنتيجة 4-0، في المباراة التي جمعتهما اليوم الجمعة، على أرضية الملعب البلدي ببركان، في إطار ذهاب الدور الثالث قبل الأخير لتصفيات كأس العالم، المزمع تنظيمه بجمهورية الدومينيكان ما بين 16 أكتوبر و3 نونبر 2024.

نيويورك.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات

الجمعة, 10 مايو, 2024 في 19:18

تم انتخاب المغرب في شخص عبد الرحيم هومي، المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات، نائبا لرئيس منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات للفترة 2024-2026 باسم القارة الإفريقية.

المعرض الدولي للنشر والكتاب: مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط تقدم إصدارات جديدة تواصل عبرها إغناء مكتبة التراث الثقافي

الجمعة, 10 مايو, 2024 في 18:24

تشارك مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، التي ترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، في الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب المقامة حاليا بالرباط، بعرض إصداراتها الأدبية والثقافية والفنية التي تُغني من خلالها مكتبة التراث الثقافي الوطني والدولي.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية