آخر الأخبار
من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.. خطوة حاسمة في مجال دسترة تخليق الحياة العامة

من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة.. خطوة حاسمة في مجال دسترة تخليق الحياة العامة

الخميس, 12 يونيو, 2014 - 15:06

(إعداد بشرى أزور)

الرباط -يشكل الانتقال قريبا من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بصفتها هيئة وطنية دستورية مستقلة تتمتع بصلاحيات واسعة وموارد هامة، خطوة حاسمة للمغرب على درب تعزيز متطلبات التخليق الشامل للحياة العامة ومكافحة الفساد.
فبعد أن أحدث دستور 2011 الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها هيئة مستقلة للحكامة تعوض الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بمجرد صدور النص القانوني المنظم لها، تحمل هذه المؤسسة، التي تعد نقلة نوعية، رهانات النهوض بالحكامة الجيدة ومكافحة الفساد، وفتح الباب أمام إطلاق دينامية تشريعية لاستكمال تحيين وملاءمة المنظومة القانونية المرتبطة بمجال تخليق الحياة العامة.

ويأتي إصدار الهيئة المركزية لتقريرها التركيبي “من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”، ليقدم حصيلة المنجزات خلال سنتي 2012 و2013، ويوفر أرضية تستحضر تراكم تجربة الهيئة المركزية التي تم إحداثها منذ خمس سنوات.

يشير التقرير، الذي تم تقديمه خلال لقاء صحافي عقدته الهيئة المركزية أمس الأربعاء بالرباط، إلى أن تشخيص الفساد اعتمد، خلال الفترة ما بين 2009 و2013، على مؤشرات الاستطلاع الدولية كأدوات منهجية لمعالجة الظاهرة، وعمل على تنويع مقاربات التشخيص من خلال تطوير المقاربة القطاعية، وإطلاق بحث وطني حول الرشوة بهدف تحليل الظاهرة والتعريف بأشكالها وانعكاساتها، فضلا عن استثمار المقاربة القضائية في قياس جرائم الفساد.

كما حرصت الهيئة على إعداد وتدبير قاعدة معطيات من خلال إطلاق دراسة للتكوين المشترك حول آليات تجميع المعلومات المتعلقة بالرشوة، بهدف تعزيز الرصيد المعرفي لمجموع الفاعلين في مجال مكافحة الفساد.

وبخصوص تقييم الآليات المعتمدة، يستعرض التقرير مراحل تطور سياسة مكافحة الفساد، انطلاقا من المقاربة الزجرية التي سادت في الفترة ما بين 1962 و1998، والمقاربة التخليقية (ما بين 1999 و2002) إلى المقاربة الشمولية المندمجة التي جاءت على مرحلتين، تهم الأولى الانخراط في الدينامية الدولية لمحاربة الفساد (2003-2011) ثم مرحلة التأسيس للنقلة الدستورية (2011 -2013) التي انطلقت من التأصيل الدستوري لقواعد التخليق والحكامة الجيدة، حيث تم الشروع في التنزيل التشريعي للمستجدات الدستورية ذات الصلة من خلال استكمال الآليات الجنائية، وتطوير الحكامة العمومية وتعزيز الحكامة السياسية.

ويستعرض التقرير إشكالية تدبير المهام الأفقية والوظيفية، حيث تم تخويل الهيئة المركزية صلاحيات أفقية وعمودية تتمحور إجمالا حول الإشراف والتنسيق وإصدار التوصيات وإعطاء الاستشارات وجمع المعطيات والمعلومات وتقييم المجهودات والقيام بأعمال التواصل والتحسيس والمساهمة في تنمية التعاون الدولي والتبليغ عن أفعال الرشوة.

كما يتطرق التقرير إلى تدبير المهام الاقتراحية والاستشارية للهيئة، إذ تضطلع باقتراح التوجهات الكبرى لسياسة الوقاية من الرشوة وتوجيه توصيات إلى الإدارات والهيئات العمومية والمقاولات الخاصة وكافة المتدخلين في هذه السياسة. إذ عملت على الخصوص على تحيين وملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد، وإصلاح أعطاب حكامة القطاع العام والحكامة السياسية، إلى جانب تطوير الحكامة الترابية وتدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة، وتحسين مناخ الأعمال، فضلا عن النهوض بالتواصل والتحسيس والشراكة.

وبغية إذكاء دينامية جديدة في سياسة الوقاية من الفساد ومكافحته، يرصد التقرير مختلف الإجراءات المقترحة، وتشمل أساس ترسيخ البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد، عبر تطوير آليات الرصد والتشخيص لظاهرة الفساد وجهود مكافحتها عبر تعزيز تقنيات التحري والتحقيق وتنويع مصادر تجميع المعطيات وإعداد خريطة لبؤر الرشوة تمكن من وضع مؤشرات ترتب القطاعات المستهدفة، وأيضا دعم التخطيط والبرمجة في مجال مكافحة الفساد باعتماد رؤية شمولية منبثقة عن مقاربة جماعية تشاركية.

كما تهم تحيين وملاءمة السياسة الجنائية مع متطلبات مكافحة الفساد، ويتم أساسا عبر توسيع دائرة التجريم من خلال تجريم الإثراء غير المشروع ومحاولات تهرب المقاولات من المخصصات الاجتماعية ومستحقات العمال والتنصيص على المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنويين، وكذا تعزيز الأثر الردعي للعقوبات المطبقة على أفعال الفساد من خلال التنصيص على إمكانية تطبيق عقوبات إضافية وتشديد العقوبة الحبسية بالنسبة لجريمة غسل الأموال والتنصيص في العقوبة المقررة لجريمة الرشوة في القطاع الخاص.

كما يشمل التحيين تحصين الجهاز القضائي من الفساد وتعزيز دوره في المكافحة، وتعزيز النزاهة والشفافية في قطاع العدل والرفع من كفاءة الجهاز القضائي وضمان فعاليته، فضلا عن تعزيز فعالية قواعد التصدي للإفلات من المتابعة والحكم في قضايا الفساد وتعزيز فعالية مساطر المقاضاة وتنفيذ الأحكام.

وفي مجال تدعيم فعالية ونجاعة مؤسسات المراقبة والمساءلة، تقدمت الهيئة بمقترحات تخص مراجعة الإطار القانوني للمفتشيات العامة للوزارات وتعزيز دينامية مراقبة المحاكم المالية والنهوض بحكامة القطاع العام، فضلا عن إقرار منظومة جديدة للموارد البشرية وتعزيز شفافية وحكامة الإدارة المالية، وإعادة بناء العلاقة بين الإدارة والمرتفقين على أسس متوازنة.

وتهم المقترحات أيضا النهوض بالحكامة الترابية عبر تحديد قواعد الحكامة المتعلقة بحسن تطبيق مبدأ التفويض الواسع لسلطة اتخاذ القرار في إطار الجهوية المتقدمة ووضع منظومة جديدة للموارد البشرية الترابية وتعزيز فعالية منظومة الصفقات الجماعية، وكذا تفعيل المساءلة وتعزيز الإطار المؤسساتي الجهوي للنزاهة ومكافحة الفساد.

وفي مجال النهوض بالحكامة السياسية، تؤكد الهيئة على ضرورة تقوية آليات الممارسة لدى الأحزاب السياسية في اتجاه ضمان الاستقطاب المنشود للطاقات، وتدعيم الحكامة الحزبية والانتخابية، فضلا عن النهوض بالحكامة البرلمانية. كما تشمل المقترحات تحسين مناخ الأعمال وتطوير الإطار العام لحكامة المقاولات.

أما مجال النهوض بالتواصل والتحسيس والشراكة، فيرتكز على مقترحات ترتبط بالتربية على قيم المواطنة والنزاهة في مكافحة الفساد، من خلال إطلاق برنامج وطني للتربية على النزاهة ومكافحة الفساد وإرساء شراكات في المجال.

وبخصوص النهوض بمقومات الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، دعت الهيئة المركزية إلى التأهيل القانوني للهيئة الوطنية، وتوفير أرضية موضوعية للتعاون وتكامل الجهود بين الهيئة الوطنية والقطاعات المعنية، وتثبيت الحضور الفعلي للهيئة الوطنية على المستوى الترابي وتعزيز الإطار المؤسسي الجهوي للحكامة ومكافحة الفساد، فضلا عن تطوير وملاءمة الآليات الأساسية لعمل الهيئة.

ويؤكد التقرير على ضرورة استنهاض مختلف الفاعلين للانخراط الناجع في المجهود الوطني لمكافحة الفساد، خاصة وأن الهيئة الوطنية المرتقبة مطالبة بإذكاء الدينامية المطلوبة في هذا المجهود الجماعي، من خلال الإشراف والتنسيق المخولين لها بمقتضى الدستور، مما يستدعي اعتماد آليات ضامنة للتعاون وتكامل الأدوار بين الهيئة الوطنية والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفعاليات القطاع الخاص والمجتمع المدني.

ففي مجال التفاعل الحكومي، يؤكد التقرير أن التفاعل الإيجابي للحكومة مع الهيئة الوطنية يشكل مؤشرا موضوعيا لقياس مصداقية الإرادة السياسية المعلنة لمكافحة الفساد، من خلال توفير الموارد البشرية والمالية الكافية لتنفيذ السياسات القطاعية لمكافحة الفساد ومخططات عمل الهيئة الوطنية، كما ينعكس على شفافية تدبير العمل الحكومي عبر تجسير مسالك الحق في الولوج إلى المعلومات لتمكين الهيئة الوطنية من الاطلاع على الوثائق والتقارير وتبادل المعطيات، ويترجم ذلك إلى قواعد لضمان نزاهة العمل الحكومي وتعزيز آليات الديمقراطية التشاركية.

أما في إطار المواكبة البرلمانية للهيئة الوطنية، فتتم على المستوى التشريعي مواصلة مواءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية واستشارة الهيئة الوطنية حول مقترحات ومشاريع القوانين والمعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة للرفع من جودة التشريع الوطنية، وعلى المستوى الرقابي من خلال تعزيز البرلمان لتوظيف أدواته الرقابية والدور الاستطلاعي للجان الدائمة بالبرلمان.

وبخصوص التدخل الفعال للسلطة القضائية، يشدد التقرير أساسا على ضرورة تقوية جسور الشراكة مع الهيئة الوطنية للنزاهة، وتعزيز النزاهة والشفافية وفعالية منظومة العدالة. أما في إطار دعم القطاع الخاص والمجتمع المدني، فيتطرق التقرير على الخصوص إلى وضع معايير موضوعية لمراجعة الحسابات وآليات لتعزيز الشفافية والمساهمة في إرساء علاقات الثقة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب التشجيع على المشاركة النشطة في عمليات اتخاذ القرار والانخراط في أنشطة إعلامية تساهم في عدم التسامح مع الفساد وإعداد برامج توعية عامة تشمل المناهج التعليمية والجامعية وحماية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها، فضلا عن التعريف بأجهزة المساءلة وهيئات مكافحة الفساد وتوفير وسائل الاتصال معها قصد التبليغ عن أفعال الفساد.

ومن المؤكد أن الانتقال النوعي من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى الهيئة الوطنية المرتقبة للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، سيمثل، بالمصادقة على مشروع القانون المنظم لها وتفعيله، تحولا نوعيا يجسد انخراط المغرب القوي في تطوير آليات محاربة الفساد والارتقاء بمعايير النزاهة في مختلف مجالات الحياة العامة.

اقرأ أيضا

الدورة 24 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة : تتويج الفيلم الرواندي الطويل “العروس” بالجائزة الكبرى

الأحد, 19 مايو, 2024 في 20:06

أسدل الستار مساء أمس السبت، على الدورة 24 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، بتتويج الفيلم الرواندي “العروس” لمخرجته مريم بيرارا ، بالجائزة الكبرى في صنف الأفلام الطويلة، “أوسمان صامبين” .

“ديوان أواردز”.. الكفاءات المغربية تحظى بالتكريم في بروكسيل

الأحد, 19 مايو, 2024 في 17:10

تم مساء أمس السبت ببروكسيل، تتويج عدد من الكفاءات البلجيكية-المغربية التي تتألق في مختلف المجالات، وذلك في إطار النسخة الـ 12 من “ديوان أواردز” التي تحتفي بتميز كفاءات الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا.

المعرض الدولي للنشر والكتاب.. نظرات متقاطعة حول حياة ومنجز الراحل إدمون عمران المالح

الأحد, 19 مايو, 2024 في 11:17

تم، أمس السبت بالرباط، استعراض المنجز الحافل للكاتب والمفكر الكبير الراحل إدمون عمران المالح، وذلك خلال لقاء رفيع المستوى نظم في إطار فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي خصصت جناحا لتكريم ذكرى هذه القامة الكبيرة في الساحة الفكرية والثقافية المغربية.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية