موازين 2018..ليلة موسيقية فريدة مع أسطورة عازف الكمان آرا ماليكيان

موازين 2018..ليلة موسيقية فريدة مع أسطورة عازف الكمان آرا ماليكيان

السبت, 23 يونيو, 2018 - 9:25

 (ربيعة صلحان)

 الرباط  – في ليلة موسيقية فريدة من نوعها توافد جمهور غفير على مسرح محمد الخامس، لمشاهدة عازف الكمان الإسباني، اللبناني الأصل ذو الصيت العالمي آرا ماليكيان، ضمن حفل افتتاح فعاليات مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، الذي يطفئ هذه السنة شمعته السابعة عشر.

منذ اللحظة الأولى لاعتلائه خشبة المسرح، شد العازف الغجري الشكل بشعره المنكوش وملابسه الهيبية، أنظار الجماهير التي حضرت هذا الحفل، منهم من يعرفه حق المعرفة ومنهم من ينتظر بفارغ الصبر أن يتعرف على هذا الفنان الاستثنائي بكل المقاييس.

 فعلى مدى أكثر من ساعتين من زمن الحفل ، تألق ماليكيان بأداء موسيقي منقطع النظير، إذ أمتع الحضور بمزيج من الموسيقى الكلاسيكية والعصرية ، برفقة أوركسترته المكونة من سبعة عازفين  .

وفي تحد صارخ للحدود الزمنية والجغرافية، سافر العازف الأرمني، بالجمهور الحاضر عبر موسيقاه المتفردة ، و المفعمة بالحيوية في كل مقطوعة من مقطوعاته، إلى بلدان وحضارات مختلفة .

 أدى ماليكيان مقطوعات متنوعة، ابتداء من “كتشناز” التي أهداها لروح جده، والتي تنبض بإيقاعات التراث الأرمني العريق، ومرورا بمقطوعة لفرقة الفنان العالمي “بوي جورج”، وفرقة الروك “راديو هيد”، ومقطوعة “كامبنيلا” للعازف الشهير نيكول باغانيني، ووصولا إلى معزوفة “كاشمير”، و”بوش حمود” التي تحمل اسم الحي الذي ولد فيه ماليكيان بلبنان.

 كما أدت الفرقة الموسيقية، مقطوعة غاية في الحماس ألهبت الجمهور الحاضر الذي شارك العازفين الرقص ، للاحتفاء بالممثل جون ترافولتا، الذي يكن له ماليكيان الإعجاب والتقدير الكبيرين، وبعد انتهاء المقطوعة علق ماليكيان ممازحا جمهوره، “إذا جرى أن صادف أحدكم والدي، أرجوكم لا تخبروه أنني أعزف الروك أو البوب، فهو حتما سيغضب مني”، مشيرا بذلك إلى تعلق أبيه وحبه الشديد للون الموسيقى لكلاسيكية.

 وقد عاش الجمهور الحاضر أجواء احتفالية بامتياز، إذ حرص ماليكيان، طوال عمر الحفل على إرفاق معزوفاته، بالرقص والحركة الدائمين ، ما ألهب المسرح وحرك مشاعر وأحاسيس المتفرجين قبل آذانهم.

 ولعل من أجمل اللحظات التي سجلها هذا الحفل المتميز ، تلك التي خصصها ماليكيان لسرد قصة كل معزوفة قبل تأديتها حتى يقف جمهوره على أسباب نزول كل مقطوعة في طقس يتفرد به هذا الفنان المتعدد.

 فبكثير من المرح والدعابة، حكى عدة قصص منها على الخصوص، قصة معزوفة “بروكن إيكز” (بيض مكسور)، التي أخبر فيها ماليكيان الجمهور كيف أنه حينما كان صغيرا لم يكن يمتلك كمانا مصنوعا لدى كبار صانعي الكمان، بخلاف زملائه بالمدرسة، فقرر اختلاق شخصية «فرنشيسكو رافيولي» الوهمية، ليصبح الصانع الافتراضي لكمانه والذي جعل منه صانعا مميزا اكتفى بصنع خمسة نماذج فقط ليتخلى بعدها عن هذه الصناعة ويتوارى عن الأنظار وينتقل إلى مكان بعيد جدا، حيث اهتم بتربية الدواجن، ومن هنا تأتي تسمية المقطوعة التي أهداها ماليكيان لروح شخصية رافيولي الوهمية.

 وقد فضل ماليكيان عند تأديته آخر مقطوعات السهرة، النزول من على خشبة المسرح، ليقوم بالتجوال داخل القاعة بقرب الجمهور الذي تفاعل بشكل كبير مع هذا الفنان الكبير المتواضع.

 لم يكن ماليكيان، نجم الحفل الوحيد، بل كانت آلة الكمان التي رافقته والتي انصهرت بين يديه في تلاحم أقرب إلى الخيال منه من الواقع، تلاعب أحاسيس الجمهور الحاضر، فتراها تلهب حماسة الحضور ثارة بإيقاعات الفلامينكو الحماسية، لتأخدهم بعدها من خلال ألحان كلاسيكية عذبة إلى جو من السكينة والتأمل ثارة أخرى.

 هي قصة حب كبيرة جمعت هذا الفنان النابغة بآلته الموسيقية، حب ورثه أبا عن جد، جعلته يقدم أول حفلة موسيقية له وهو لا يتجاوز سن الثانية عشر، ليحلق بعدها بسنتين، وهو ابن الرابعة عشر نحو ألمانيا، حيث مكنته وزارة الثقافة الألمانية من منحة للدراسة في هانوفر وكان حينها أصغر تلميذ يحصل على منحة من هذا النوع وينضم إلى المدرسة الراقية.

 سجل آرا ماليكيان عددا كبيرا من الأسطوانات في موسيقى الجاز، كما ألف الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام ، ويعرف بمزجه لعدة أنماط موسيقية منها الموسيقى العربية والشرقية، والموسيقى الأرمنية، والموسيقى اللاتينية من تانغو وفلامنكو.

 موسيقاه المتميزة، وقدرته الفريدة على مزج ألوان كلاسيكية وأخرى حديثة، بالإضافة إلى شخصيته المرحة، جعلته يحصد نجاحا جماهريا كبيرا على مستوى العالم ، حيث جاب هذا الفنان ذو الروح الغجرية أزيد من أربعين حاضرة ، منها على الخصوص، نيويورك، تورنتو، لوس انجليس، كوالالمبور، هافانا، طوكيو، لندن، جنيف، موسكو، وبلغراد.

 كما نال آرا ماليكيان جوائز عالمية عديدة، تبقى أبرزها جائزة بامبلونا الاسبانية ، وجائزة الولاء والانجاز الفنيين من وزارة الثقافة الالمانية والدرع العالمي للفنون من مدينة نيويورك، بالإضافة إلى توشيحه بعدة أوسمة في كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة واليابان.

 تلك هي أجواء أمسيات مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، التي تعد بكثير من الفرجة، والمتعة على امتداد تسعة أيام (22 إلى 30 يونيو) ، ستعيش على وقعها ساكنة الرباط وزوارها من داخل المغرب وخارجه، تجربة فنية فريدة، تحتفي بالفن بكل أطيافه، وتحمل شعار التنوع والتعايش والتسامح.

 

 

 

 

 

 


 

اقرأ أيضا

الصحراء.. تسليط الضوء بالبرلمان البريطاني على أهمية المخطط المغربي للحكم الذاتي

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 20:41

تم تسليط الضوء على أهمية مخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب وضرورة دعم المملكة المتحدة لهذه المبادرة، وذلك خلال مائدة مستديرة حول الصحراء المغربية، عقدت اليوم الأربعاء بالبرلمان البريطاني، وعرفت حضور عدد من النواب.

واشنطن.. الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 19:28

تم اليوم الأربعاء بواشنطن، الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي والشراكة متعددة الأبعاد بين المغرب والولايات المتحدة، بمناسبة الإعلان عن إدراج المفوضية الأمريكية بطنجة ضمن القائمة السنوية للصندوق الوطني للحفاظ على التاريخ (ناشونال تراست فور هيستوريك بريزيرفيشن) للمواقع التاريخية الأمريكية الـ11 المعرضة للخطر.

الطبقة الشغيلة بالدار البيضاء تحتفل بعيد الشغل

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 16:01

نظمت المركزيات النقابية الوطنية اليوم الأربعاء بالدار البيضاء، مجموعة من التجمعات والمسيرات للاحتفاء بعيد الشغل، الذي يأتي هذه السنة غداة التوقيع على اتفاق مع الحكومة في إطار الحوار الإجتماعي.