ميدان تقسيم بتركيا .. قبلة للسياح ورمز للاحتجاجات

(إعداد : خالد أبوشكري)

اسطنبول – يعد ميدان تقسيم الواقع بقلب إسطنبول (القسم الأوروبي من المدينة) حيث يوجد النصب التذكاري لأتاتورك وأبطال الاستقلال، رمزا للحداثة بهذه المدينة الكبرى ومركزا للتسوق وكذا لكافة أشكال الاحتجاجات.ويعرف “ميدان تقسيم” في إسطنبول بكونه قبلة للسياح وزوار المدينة التاريخية. وتعود تسمية هذا الميدان الشهير الواقع بمنطقة بويولو بقلب إسطنبول بهذا الاسم لكونه كان مركزا لتوزيع وتقسيم إمدادات المياه في العهد العثماني.

ويحتضن ميدان تقسيم التعدد الإثني والثقافي والديني والاجتماعي تلك الفسيفساء المتكاملة للتمازج بين مختلف الأجناس والأعراق بالعاصمة التركية، حيث لا يحس الزائر بأنه غريب عن هذا الفضاء الذي تجذبه فيه الأغاني المستمدة من ريبرتوار الموسيقى العالمية والتي يرددها عازفون فرادى أو على شكل مجموعات.

ويبقى استقلال قديسي (شارع الاستقلال) المكان المثالي للتسوق والذي يعرف حركة دؤوبة ويضج بصخب الحياة خاصة خلال المساء حيث ينشط الرواج بوجود محلات تجارية تمثل ماركات عالمية.
ويجوب هذا الشارع الذي يعتبر من أهم الشوارع بتركيا بعد غروب الشمس، آلاف الأشخاص الذين لا يوقف حركتهم ذهابا وإيابا سوى صوت جرس “الترامواي” القديم الذي يمر بشارع الاستقلال وحتى منطقة النفق التي تعد المركز النابض لاسطنبول.

وفي هذا الفضاء، تنتشر الممرات والأزقة الضيقة التي تضم محلات الحلي والأثواب التي يبدو أنها صمدت أمام عوامل الزمن. وسعيا لإيجاد أفضل العروض وبأرخص الأثمان، يكفي عبور هذه الممرات الضيقة جدا، والتي تنتشر بها أيضا مطاعم صغيرة تتيح للزوار التعرف على الطبخ المحلي الذي لا يقتصر فقط على الوجبة التركية التقليدية “الشوارما” وإنما يتعداه إلى أذواق أخرى غير متناهية.

والسير في شارع الاستقلال الذي يعتبر رمز حداثة المدينة يؤدي إلى نفق يمر عبره ثاني أقدم مترو بالعالم، والذي أنشئ سنة 1875 بعد مترو لندن ( 1863) والمؤدي إلى خليج القرن الذهبي ، الواقع بين اسطنبول القديمة والجديدة على مصب نهر البوسفور.

غير أن مسار العودة مشيا إلى نقطة الانطلاق (ميدان تقسيم) يتطلب جهدا كبيرا في هذه المرتفعات شديدة الانحدار عند سفح برج غالاتا الأثري.

وهذا القلب النابض بالنسبة لحياة الملايين من ساكنة اسطنبول يشكل الفضاء الأنسب الذي يعبر فيه كل شخص بحرية عن سعادته وحزنه وآرائه ومواقفه السياسية والاجتماعية. وهو المكان المفضل للاحتفال بالمناسبات العامة والاستعراضات والاحتفالات بالعام الجديد إلى جانب عيد الجمهورية .

كما يعد الفضاء الأمثل لتنظيم مختلف التظاهرات وأنشطة المجموعات السياسية من مختلف التوجهات والمنظمات غير الحكومية، فجميعهم يحاولون استثمار شهرة ميدان تقسيم للدفاع عن قضاياهم . غير أنه ومع توالي الأحداث التي شهدتها تركيا، تم منع التظاهرات بهذا المكان، الذي يخضع لأعمال تأهيل، حيث تتواجد به وحدات الشرطة باستمرار ويخضع لتدابير أمنية صارمة.